أبعد من الحب ....
صفحة 1 من اصل 1
أبعد من الحب ....
"صديقتي!
الليلة فكرت بك كثيراً.. وأيقنت عندما طلع الفجر أن حبي -الذي لم يكتسب كينونته برضائي- يستأهل السهر إلى مابعد الفجر..
أحبكِ أنا.. ومهما يكن وحسبُ الحب أنه يقتل الدودة التي تقرض القلب ويهب العذاب الذي بعضه ملح الحياة، ويقرب المسافة بين العقل والجنون
ويحيل ما هو طبيعي كامد إلى ما هو غير طبيعي مشرق ملون..
في الحكايات أن شيخاً وشاباً سارا في طريق.. وحين بلغا جبلاً قال الشيخ للشاب:
تحملني أم أحملك؟ وابتسم الشاب، فقال الشيخ: لاتبتسم يابني فلست بقادرٍ على حملك ولاقصدته، بل أردت: تحدثني ام أحدثك؟
ولقد تحدثنا نحن أيضاًعبر نافذتينا.. كنت معذباً بالزمن.
كان الزمن ببطئه هو الطريق الجبلي الوعر، وكانت وحدتي وحشةً قاسية على ذلك الطريق.
كنت شيخاً في بعض جوانب نفسي وبحاجةٍ إلى من يردني إلى الشباب..
كنت محاصراً بذكرياتي وبحاجةٍ إلى أن أنساها..
كان الماضي مصدراً للحسرات فكنت أبحث عن الحاضر.. وأطللت من شباكك العالي من كوة الأفق فصار أنس.. وحديث.. وتسارع الزمن..
أصبح تسلق جباله أسهل، وانجرفت مدفوعاً بفرحة الأنس في عاطفةٍ لا أدري ماأسميها..
حباً تقولين؟ أحلى، أكثر شفافيةً وغرابة وقد تكون أكثر طرافة وأشد فتنةً بسبب ذلك..
ولكم تمنيت في وحدتي لو تأتين يوماً إلي لو تجلسين إلى جواري ، لو أسمع صوتك، لو أبادلك كلمة..
إن دروب الحياة حتى السهلة منها وعرةٌ إذا قطعها الإنسان منفرداً..
قنعت بعد ذلك بالحديث ولا كلام..
كنت قادراً وراغباً في تحطيم الجمود من حولي واقتحام الأبواب إليكِ..
ولو سألتني ماذا تريد؟
لقلت لكِ :
أن أثقب الأخلاق الفاضلة التي توجب ان يتم كل شيءٍ في الخفاءوتحول دون لقائي بكِ
ولقد فكرت أن آتي إليكِ، أن أدخل بيتك، غير اني عابر طريق..
وعابر الطريق لايحق له أن يدخل بيوت الناس ويستسلم إلى الراحة..
قصاراه أن يطلب جرعة ماء، أو ينشد فيئاً تحت شجرة، ثم يمضي..
وكذلك مضيت.. أنا في مكانٍ لا أدعوكِ إليه..
لاتأتي، لاأريد استغلال الحب، أنا أسبح ضد التيار وليس في وسعكِ أن تفعلي مثلي..
لا أريد أن أخدعك في أمري..
وداعاً يا صديقتي.. ليحرسك الله ولتنسكب كل افراح الدنيا في قلبك.. ففي ذلك سروري وعزائي.."
من رواية "الثلج يأتي من النافذة" للروائي الكبير حنا مينة..
الليلة فكرت بك كثيراً.. وأيقنت عندما طلع الفجر أن حبي -الذي لم يكتسب كينونته برضائي- يستأهل السهر إلى مابعد الفجر..
أحبكِ أنا.. ومهما يكن وحسبُ الحب أنه يقتل الدودة التي تقرض القلب ويهب العذاب الذي بعضه ملح الحياة، ويقرب المسافة بين العقل والجنون
ويحيل ما هو طبيعي كامد إلى ما هو غير طبيعي مشرق ملون..
في الحكايات أن شيخاً وشاباً سارا في طريق.. وحين بلغا جبلاً قال الشيخ للشاب:
تحملني أم أحملك؟ وابتسم الشاب، فقال الشيخ: لاتبتسم يابني فلست بقادرٍ على حملك ولاقصدته، بل أردت: تحدثني ام أحدثك؟
ولقد تحدثنا نحن أيضاًعبر نافذتينا.. كنت معذباً بالزمن.
كان الزمن ببطئه هو الطريق الجبلي الوعر، وكانت وحدتي وحشةً قاسية على ذلك الطريق.
كنت شيخاً في بعض جوانب نفسي وبحاجةٍ إلى من يردني إلى الشباب..
كنت محاصراً بذكرياتي وبحاجةٍ إلى أن أنساها..
كان الماضي مصدراً للحسرات فكنت أبحث عن الحاضر.. وأطللت من شباكك العالي من كوة الأفق فصار أنس.. وحديث.. وتسارع الزمن..
أصبح تسلق جباله أسهل، وانجرفت مدفوعاً بفرحة الأنس في عاطفةٍ لا أدري ماأسميها..
حباً تقولين؟ أحلى، أكثر شفافيةً وغرابة وقد تكون أكثر طرافة وأشد فتنةً بسبب ذلك..
ولكم تمنيت في وحدتي لو تأتين يوماً إلي لو تجلسين إلى جواري ، لو أسمع صوتك، لو أبادلك كلمة..
إن دروب الحياة حتى السهلة منها وعرةٌ إذا قطعها الإنسان منفرداً..
قنعت بعد ذلك بالحديث ولا كلام..
كنت قادراً وراغباً في تحطيم الجمود من حولي واقتحام الأبواب إليكِ..
ولو سألتني ماذا تريد؟
لقلت لكِ :
أن أثقب الأخلاق الفاضلة التي توجب ان يتم كل شيءٍ في الخفاءوتحول دون لقائي بكِ
ولقد فكرت أن آتي إليكِ، أن أدخل بيتك، غير اني عابر طريق..
وعابر الطريق لايحق له أن يدخل بيوت الناس ويستسلم إلى الراحة..
قصاراه أن يطلب جرعة ماء، أو ينشد فيئاً تحت شجرة، ثم يمضي..
وكذلك مضيت.. أنا في مكانٍ لا أدعوكِ إليه..
لاتأتي، لاأريد استغلال الحب، أنا أسبح ضد التيار وليس في وسعكِ أن تفعلي مثلي..
لا أريد أن أخدعك في أمري..
وداعاً يا صديقتي.. ليحرسك الله ولتنسكب كل افراح الدنيا في قلبك.. ففي ذلك سروري وعزائي.."
من رواية "الثلج يأتي من النافذة" للروائي الكبير حنا مينة..
غسان علي- عضو جديد
-
عدد الرسائل : 20
العمر : 36
البلد : سوريا
تاريخ التسجيل : 25/05/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» أتحبني وأنا ضريرة؟؟؟؟؟؟؟؟
» طرائف وعجائب
» االدكتور زغلول راغب النجار ورسائل من الماء للكاتب اموتو ماسارو
» حبيبتي ... مرت على بالي اليوم .. كاظم الساهر
» كاظم الساهر .. لاتزيديه لوعة
» حنين
» نسوان أخر زمن
» تجديد
» أبعد من الحب ....
» مواسم لاعلاقة لها بالفصول
» من روائع(جبران خليل جبران)..........
» بلغوها .............بشارة الخوري
» مصابيح لشجرة الميلاد..........
» وحدن
» المرسال الأخير..
» الموعد الأول
» رسالة حب 72 ... نزار قباني
» معي دائما- غادتي
» ألبوم الرسم بالكلمات .. كاظم الساهر